أحدهما: أن يراد أنه قول لا يعضده برهان، فما هو إلا لفظ يفوهون به، فارغ من معنى تحته كالألفاظ المهملة التي هي أجراس ونغم لا تدل على معان، وذلك أن القول الدال على معنى: لفظه مقول بالفم، ومعناه مؤثر في القلب، ومالا معنى له: مقول بالفم لا غير.

والثاني: أن يراد بالقول: المذهب، كقولهم: قول أبى حنيفة، يريدون مذهبه وما يقول به، كأنه قيل: ذلك مذهبهم ودينهم بأفواههم لا بقلوبهم، لأنه لا حجة معه، ولا شبهة، حتى يؤثر في القلوب، وذلك أنهم إذا اعترفوا أنه لا صاحبة له، لم تبق شبهة في انتفاء الولد.

"يُضاهِؤُنَ" لا بدّ فيه من حذف مضاف تقديره: يضاهي قولهم قولهم، ثم حذف المضاف وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه، فانقلب مرفوعًا.

والمعنى: أن الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى يضاهي قولهم قول قدمائهم، يعنى: أنه كفر قديم فيهم غير مستحدث. أو: يضاهي قول المشركين: "الملائكة بنات الله". وقيل: الضمير للنصارى، أي: يضاهي قولهم: "المسيح ابن الله"، قول اليهود: "عزير ابن الله"، لأنهم أقدم منهم.

وقرئ (يضاهؤن) بالهمز من قولهم: امرأة ضهيأ؛ على فعيل، وهي التي ضاهأت الرجال في أنها لا تحيض، وهمزتها مزيدة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15]، ولا يقال ذلك الأسلوب إلا في أمر يعظم مثاله، ويعز الوصول إليه، ليؤذن على نيله وحصوله.

قوله: (وقرئ: (يُضَاهِئُونَ) بالهمزة، من قولهم: امرأة ضهيأ، على: فعيل) إلى قوله: (وهمزتها مزيدة): قيل: الصواب أن يُقال: أو همزتها مزيدة، وإلا ففي كلامه تناقض؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015