كإثابة المؤمنين، وقيل: ظلام، للتكثير لأجل العبيد، أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاماً بليغ الظلم متفاقمه.

[(كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا ْبآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ * ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِايتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) 52 - 54]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم حقق ذلك بقوله: (وَلَوْ تَرَى)، والخطاب مع هذا القائل، أي: لو رأيت، أيها القائل، إذ يتوفى الملائكة المشركين الذين تعدهم كثيرين قويين، يضربون منهم فوق الأعناق وكل بنان قائلين: ذوقوا عذاب الخزي في الدنيا وعذاب الحريق في الآخرة، وأن ذلك العذاب بسبب مناصبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الله ليس بلام للعبيد، لرأيت قوة أوليائه ونصرهم على أعدائه.

مثاله: إذا نكل المنتصر من عدوه ويعذبه بأنواع البلاء ويقول: هذا بسبب ما ارتكبت من الظلم وأني فيما أفعله بك من النكال العظيم ما تجاوزت حد الإنصاف؛ لأنك تستحقه. وهذا لا يفيد أنه إن ترك التعذيب كان ظالما، كذا [ما] نحن بصدده.

ودل على تعظيم الذنب اسم الإشارة، وهو عين ما قاله بعد ذلك: "أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاماً".

قوله: (وقيل: ظلام، للتكثير لأجل العبيد): يعني: أن ظلاماً بناء مبالغة يدل على أنه تعالى ليس بظلام للعبيد، أي: بكثير الظلم، ويُفهم من دليل الخطاب جواز إثبات الظلم القليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015