وجواب" لَوْ" محذوف: أي: لرأيت أمراً فظيعاً منكراً (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) يحتمل أن يكون من كلام الله ومن كلام الملائكة، (وذلِكَ) رفع بالابتداء، و (بِما قَدَّمَتْ) خبره، (وَأَنَّ اللَّهَ) عطف عليه، أي: ذلك العذاب بسببين: بسبب كفركم ومعاصيكم، وبأن الله (لَيْسَ بِظَلّم لِلْعَبِيدِ) لأن تعذيب الكفار من العدل، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

إما أنه محمول على إصابة العذاب في الدنيا وأنه متصل بعذاب النار، بأن يُسلط بعد السكرات عذاب القبر، وينتهي ذلك إلى دخول النار، أو يضربون وجوههم ويبشرونهم بعذاب القيامة ليجتمع لهم العذاب في الدنيا والخوف من النكال في الآخرة، أو يقع الضرب في الدنيا والقول في الآخرة.

وعن بعضهم أنه قال: الذوق: وجود الطعم بالفم، وأصله فيما يقل تناوله دون ما يكثر، فإنه يقال له: الأكل، وقد يعبر به عن الاختيار، وعن مطلق الإدراك.

قوله: (لأن تعذيب الكفار من العدل): كأنه قيل: ذلك العذاب بسبب كفركم، وبسبب أن الله عادل، إذ لابد من جزاء المسيء، كما لابد من ثواب المحسن، فوضع موضعه (لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)، بناء على مذهبه.

قلت: والذي يقتضيه النظم هو: أن قوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) كالتقرير لمعنى قوله: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ)، وفائدته: الدلالة على أن التعذيب إنما بلغ غايته لاستِئهالهم ذلك بسبب عظيم جرمهم، وأنه في قوم مخصوصين، وذلك أن قوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) في المشركين الذين ناصبوا الحرب يوم بدر، لأن المنافقين لما طعنوا في المسلمين بقولهم: (غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ) بمعنى: أن المسلمين اغتروا بدينهم، وأنهم يتقوون به وينصرون من أجله، فخرجوا وهم قليل مستضعفون على الكثير القوي، أجاب الله تعالى بقوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي: ومن يتوكل على الله فهو يقويه وينصره، لأنه عزيز قوي يُقوي اولياءه، حكيم ينصرهم ويخذل أعداءهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015