(غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) يعنون: أنّ المسلمين اغتروا، بدينهم وأنهم يتقوّون به وينصرون من أجله، فخرجوا وهم ثلاث مئة وبضعة عشر، إلى زهاء ألف، ثم قال جوابا لهم (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) غالب يسلط القليل الضعيف على الكثير القوى.

[(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الملكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبرَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ* ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) 50 - 51]

(وَلَوْ تَرى): ولو عاينت وشاهدت، لأن "لو" تردّ المضارع إلى معنى الماضي، كما تردّ "إن"

الماضي إلى معنى الاستقبال، (وإِذْ) نصب على الظرف، وقرئ: (يتوفى). بالياء والتاء،

و(الملكة) رفعها بالفعل، و (يَضْرِبُونَ) حال منهم.

ويجوز أن يكون في (يَتَوَفَّى) ضمير الله عز وجل، و (الملكة) مرفوعة بالابتداء، (ويَضْرِبُونَ) خبر. وعن مجاهد: (وأدبارهم): أستاههم، ولكن الله كريم يكنى، وإنما خصوهما بالضرب؛ لأنّ الخزي والنكال في ضربهما أشدّه.

وبلغني عن أهل الصين: أن عقوبة الزاني عندهم أن يصبرَّ، ثم يعطى الرجل القوي البطش شيئاً عمل من حديد، كهيئة الطبق، فيه رزانة، وله مقبض، فيضربه على دبره ضربة واحدة بقوّته فيجمد في مكانه. وقيل: يضربون ما أقبل منهم وما أدبر.

(وَذُوقُوا) معطوف على (يَضْرِبُونَ) على إرادة القول، أي: ويقولون: ذوقوا (عَذابَ الْحَرِيقِ)، أي: مقدمة عذاب النار، أو: وذوقوا عذاب الآخرة، بشارة لهم به، وقيل: كانت معهم مقامع من حديد، كلما ضربوا بها التهبت النار، أو: ويقال لهم يوم القيامة: ذوقوا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ (يَتَوَفَى) بالياء والتاء): ابن عامر: بالتاء الفوقانية، والباقون: بالياء.

قوله: (و (الْمَلائِكَةِ) مرفوعة بالابتداء، و (يَضْرِبُونَ) خبر): فالجملة على هذا استئنافية.

قوله: (أو: ويُقال لهم يوم القيامة: ذوقوا): يعني: قوله تعالى: (وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015