فإن قلت: هلا قيل: لا غالباً لكم، كما يقال: لا ضاربا زيداً عندنا؟ قلت: لو كان (لَكُمُ) مفعولا لـ (غالب)، بمعنى: لا غالباً إياكم، لكان الأمر كما قلت: لكنه خبر تقديره: لا غالب كائن لكم.
[(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) 49]
(إِذْ يَقُولُ الْمُنفِقُونَ) بالمدينة (والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يجوز أن يكون من صفة (المنافقين)، وأن يراد: الذين هم على حرف؛ ليسوا بثابتي الأقدام في الإسلام. وعن الحسن: هم المشركون، ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لو كان (لَّكُمْ) مفعولاً لـ (غَالِبَ)) إلى آخره: قال أبو البقاء: " (غَالِبَ) هاهنا: مبنية، و (لَّكُمْ) في موضع رفع خبر (لا)، و (اَلْيَوْمَ) منصوباً بـ (غَالِبَ)، ولا (مِنْ النَّاسِ) حالاً منا لضمير في ((غَالِبَ)؛ لأن اسم "لا" إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه"، لأنه مشابه للمضاف، فكان منصوباً.
قوله: ((وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يجوز أن يكون من صفة "المنافقين")، ويجوز أن تكون الواو في (وَالَّذِينَ) من التي تتوسط بين الصفة والموصوف؛ لتأكيد لصوق الصفة، لأن هذه الصفة في المنافقين لاصقة لا تنفك، قال الله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)، أو تكون من التي تدخل بين المُفسِّر والمُفسَّر، نحو: أعجبني زيدٌ وكرمه، قال القاضي: "والعطف لتغاير الوصفين".
قوله: (ليسوا بثابتي الأقدام في الإسلام): قال في قوله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) [الحج: 11]: "أي: على طرف من الدين، لا في وسطه وقلبه".