وفي الحديث: "وما رئي إبليس يوما أصغر ولا أدحر ولا أغيظ من يوم عرفة؛ لما يرى من نزول الرحمة، إلا ما رئي يوم بدر".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

قوله: (وفي الحديث "ما رُئي إبليس يوماً أصغر ولا أدحر") الحديث: من "الجامع" عن مالك في "الموطأ" عن طلحة بن عبيد الله بن كريز: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رُئي الشيطان في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة؛ وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رئي يوم بدر، فإنه قد رأى جبريل يزع الملائكة".

النهاية: "الدحر: الدفع بعنف على سبيل الإهانة والإذلال، وأفعل التفضيل فيه كأشهر وأجن، من: شُهر وجُن"، "يزع الملائكة": أي: يرتبهم ويسويهم ويصفهم للحرب، فكأنه يكفهم عن التفرق والانتشار.

قوله: "في يوم عرفة": في رواية "الموطأ": متعلق بـ"أفعل"، فهو يعمل في المستتر والظرف ونحوهما، لأن فيه رائحة الفعل. وأما رواية الكتاب: "ولا أغيظ من يوم عرفة": فقال صاحب "النهاية": "نُزل وصف الشيطان بأنه أدحر منزلة وصف اليوم به، لوقوع ذلك فيه، كأن اليوم نفسه هو الأدحر".

قلت: فعلى هذا "أصغر" صفة "يوماً"، و"من يوم عرفة": متعلق بهن وهو مطابق لرواية "الموطأ"، لأن الأصل: ما رُئي إبليس في يوم من الأيام هو أصغر من نفسه إلا ما رُئي في يوم عرفة"، ثم علق الظرف بـ "أفعل من" على التوسع، كما في قولهم: زيد نهاره صائم"، أي: هو في نهاره صائم، وما قيل: إن "أصغر" مفعول ثان لـ"رُئي"، أو حال من "إبليس": فمُتعسف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015