ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن الإمام أحمد بن حنبل عن ابن صيفي وكان له صحبة: أن علياً رضي الله عنه لما قدم البصرة بعث إليه: ما يمنعك أن تتبعني؟ ! قال: أوصاني خليلي وابن عمك قال: "إنه ستكون فرقة واختلاف، فاكسر سيفك، واقعد في بيتك، حتى تأتيك يد خاطئة، أو ميتة قاضية، ففعلت ما أمرني، فإن استطعت أن لا تكون اليد الخاطئة فافعل".
والمقام يقتضي هذا القول؛ لأن قوله: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً) عطف على قوله: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) أي: لمجاهدة أعداء الدين واتفاق الكلمة فيما بينكم، واتقوا المخالفة لتتمكنوا على المجاهدة. والمصنف راعي هذا الترتيب، وذلك أنه فسر الفتنة أولاً بإقرار المنكر بينهم وبافتراق الكلمة، ذكر القول الأول، واستشهد له بقوله: "يحكي أن علماء بني إسرائيل" إلى آخره، ثم ذكر القول الثاني وقرره بالوجهين، ثم عقبهما بذكر حديث الجمل وأصحاب بدر وما يتصل به.
فإن قلت: لم خص الوجه الأول بإقرار المنكر الذي يقتضي عموم الإصابة، والثاني بافتراق الكلمة التي تقتضي خصوص الإصابة؟ قلت: التنكير في الفتنة أولاً لنوع ما منها، وهو إقرار المنكر، وفي الثاني لنوع يوجب التفخيم والتهويل فيه، من افتراق الكلمة الموجب للهرج والمرج وثلم الدين، فتختص بمن باشرها، ولذلك أكد بالنهي الأمر بعد