وقيل: معناه: أنه يطلع على كل ما يخطره المرء بباله، لا يخفى عليه شيء من ضمائره، فكأنه بينه وبين قلبه.
وقرئ: "بين المر" بتشديد الراء، ووجهه: أنه قد حذف الهمزة، وألقى حركتها على الراء، كالخب، ثم نوى الوقف على لغة من يقول: مررت بعمرّ.
[(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) 25]
(فِتْنَةً): ذنباً؛ قيل: هو إقرار المنكر بين أظهرهم .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تلخيصه: أوليتكم النعمة فاشكروها ولا تكفروها لئلا أزيلها عنكم.
ويؤيد هذا التأويل ما روينا عن الترمذي عن شهر بن حوشب قال: قلت لأم سلمة يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. قالت: فقلت له: يا رسول الله، ما أكثر دعائك بهذا؟ ! قال: "يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ".
قلت: وتصديقه قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) [آل عمران: 8]، والله أعلم.
قوله: (أنه تعالى يطلع على كل ما يخطره المرء بباله): فكأنه يحول بينه وبين قلبه، قال القاضي: "هذا تمثيل لغاية قربه من العبد، كقوله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق: 16]، وتنبيه على أنه تعالى مطلع على مكنونات القلوب مما عسى يغفل عنه صاحبها، فيكون حثاً على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها" في طاعة الله تعالى وطاعة رسوله، (وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فيحاسبكم بما في قلوبكم من الإخلاص والرياء.
قوله: (هو إقرار المنكر): أي: تمكين الفعل المنكر بين المسلمين، من: أقره في مكانه فاستقر.