وقيل: افتراق الكلمة. وقيل (فِتْنَةً): عذاباً.

وقوله: (لا تُصِيبَنَّ) لا يخلو من أن يكون جواباً للأمر، أو نهياً بعد أمر، أو صفة لـ (فتنة): فإذا كانت جواباً: فالمعنى: إن إصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (افتراق الكلمة): وهي أمر الله بالإنفاق، وأن يكونوا يداً واحدة على غيرهم، من قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]، أي: تمسكوا بعهده ولا تنكثوا. وفي الحديث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم".

قوله: (فإذا كانت جواباً فالمعنى: إن أصابتكم لا تصب الظالمين): قال صاحب "التقريب": هذا ليس بجواب للأمر، بل هو جواب لشرط مقدر؛ إذ لا يستقيم: إن تتقوا لا تُصب، وهو ما يقتضيه جواب الأمر. أراد أن ما في كلام الله المجيد ليس من باب جواب الأمر، إذ لو قُدر ذلك لرجع إلى أن يُقال: عن تتقوا لا تصب، فيفسد، بل هو من باب آخر، وهو أن يقدر الشرط بقرينة الجزاء واقتضاء المقام، كما قال: إن أصابتكم لا تصب الظالمين.

وقال ابن الحاجب: "الظاهر أنه نهي، والمعنى: واتقوا فتنة مقولاً فيها: لا تصيبن، والنهي في الظاهر للفتنة، والمعنى للمتعرضين لها، فكأنه قيل: لا تتعرضوا للفتنة التي يصيب المتعرضين بلاؤها، فعدل من التعرض الذي هو سبب، إلى الإصابة التي هو المسبب.

فعلى هذا يكون "الظالمون" مخصوصين بالإصابة، لأن المعنى: لا يتعرض متعرض للفتنة، فتصيبه خاصة، فعدل إلى ما ذكرنا، فصار لا تصيب الفتنة متعرضاً لها خاصة، ثم ذكر "المتعرض" بلفظ "الظالم"؛ تشنيعاً عليه للصفة التي يكون عليها عند التعرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015