. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذهب أهل التأويل إلى أن المراد بالإشهاد ما ركبه الله فيهم من العقول، وآتاهم من البصائر، فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم، وقال لهم: (ألست ربكم) فكأنهم قالوا: (بلى). فذهبوا في معناه إلى أنه تمثيل وتصوير للمعنى.
وهذا الذي ذهبوا إليه في تأويل حديث عمر رضي الله عنه تأويل حسن مستقيم، لولا مخالفته حديث ابن عباس، وهو ما رواه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني: عرفة - فأخرج من صلبه كل ذريةٍ ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً قال: (ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) ".
وهذا الحديث مخرج في كتاب أبي عبد الرحمن النسائي. فهذا الحديث لا يحتمل من التأويل ما يحتمله حديث عمر رضي الله عنه، لظهور المراد منه.
ولا أراهم يقابلون هذه الحجة إلا بقولهم: إن حديث ابن عباس من جملة الآحاد فلا يلزمنا إن تركنا أن نترك به ظاهر الكتاب!
وقال: إنما جدوا في الهرب عن القول في معنى الآية بما يقتضيه ظاهر هذا الحديث لمكان قوله سبحانه: (أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ). فقالوا: إن كان هذا الإقرار عن اضطرار، حيث كوشفوا بحقيقة الأمر، وشاهدوه عين اليقين، فلهم يوم القيامة أن يقولوا: شهدنا يومئذ، فلما زال عنا علم الضرورة، ووكلنا إلى آرائنا، كان منا من أصاب، ومنا من أخطأ. وإن كان عن استدلال، ولكنهم عصموا عنده من الخطأ، فلهم أيضاً أن يقولوا: