وروي: أنّ اليهود أُمروا باليوم الذين أُمرنا به وهو يوم الجمعة، فتركوه واختاروا يوم السبت، فابتلوا به وحرّم عليهم فيه الصيد، وأمروا بتعظيمه، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شُرعًا بيضاً سماناً كأنها المخاض، لا يرى الماء من كثرتها، ويوم لا يستبون لا تأتيهم، فكانوا كذلك بُرهةً من الدهر، ثم جاءهم إبليس فقال لهم: إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت فاتخذوا حياضًا تسوقون الحيتان إليها يوم السبت، فلا تقدر على الخروج منها، وتأخذونها يوم الأحد، وأخذ رجلٌ منهم حوتاً، وربط في ذنبه خيطاً إلى خشبةٍ في الساحل، ثم شواه يوم الأحد، فوجد جاره ريح السمك، فتطلع في تنوره، فقال له: إني أرى الله سيعذبك، فلما لم يره عُذبَ أخذ في السبت القابل حوتين، فلما رأوا أنّ العذاب لا يعاجلهم، صادوا وأكلوا وملحوا وباعوا، وكانوا نحوا من سبعين ألفاً، فصار أهل القرية أثلاثاً: ثُلُثٌ نهوا وكانوا نحواً من اثني عشر ألفاً، وثلثٌ قالوا: لم تعظون قوماً؟ وثلثٌ هم أصحاب الخطيئة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الساكتة؟ قال عكرمة: "جعلني الله فداك، ألا تراهم كيف أنكروا، وكرهوا ما هم عليه، وقالوا: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ)، وإن لم يقل الله: أنجيتهم، لم يقل: أهلكتهم. فأعجبه قولي، وأمر لي ببردين، وقال: نجت الساكتة".

قوله: (المخاض)، الجوهري: "هي بفتح الميم: النوق الحوامل، ولا واحد لها من لفظها".

قوله: (فلما لم يره عذب)، أي: لم ير نفسه يعذبه الله، الرؤية بمعنى العلم، نحو قوله تعالى: (أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) [العلق: 7].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015