(قالُوا مَعْذِرَةٌ إِلى رَبِّكُمْ) أي: موعظتنا إبلاء عذر إلى الله، ولئلا نسب في النهى عن المنكر إلى بعض التفريط، (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ): ولطمعنا في أن يتقوا بعض الاتقاء. وقرئ: (مَعْذِرَةً) بالنصب، أي: وعظناهم معذرةً إلى ربكم، أو اعتذرنا معذرةً.
(فَلَمَّا نَسُوا) يعني: أهل القرية، فلما تركوا ما ذكرهم به الصالحون ترك الناسي لما ينساه، (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا) الظالمين الراكبين للمنكر.
فإن قلت: الأمة الذين قالوا: (لِمَ تَعِظُونَ) من أي: الفريقين هم؟ أمن فريق الناجين أم المعذبين؟ قلت: من فريق الناجين، لأنهم من فريق الناهين، وما قالوا ما قالوا إلا سائلين عن علة الوعظ والغرض فيه، حيث لم يروا فيه غرضاً صحيحاً لعلمهم بحال القوم، وإذا علم الناهي حال المنهي، وأن النهي لا يؤثر فيه، سقط عنه النهي، وربما وجب الترك لدخوله في باب العبث، ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على المآصر والجلادين المرتبين للتعذيب؛ لتعظهم وتكفهم عما هم فيه، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إبلاء عذرٍ): أي: إظهاره. الأساس: "يقال: أبليته عذراً: إذا بينته له بياناً لا لوم عليك بعده. وحقيقته: جعلته بالياً لعذر، أي: خابراً له، عالماً بكنهه. ومنه: أبلى في الحرب بلاءً حسناً: إذا أظهر بأسه، حتى بلاه الناس وخبروه".
قوله: (وقرئ: (معذرةً) بالنصب): حفص، والباقون: بالرفع.
قوله: (على المآصر)، الجوهري: "أصره يأصر أضراً: حبسه. والموضع: مَأصِر ومَأصَر، والجمع: مآصِر".
الأساس: "هو مفعل من الأصر، أو فاعل من المصر: بمعنى الحاجز: ولعن الله المآصر والمواصر". والمكاسون: الذين يحفظون الطرق.