ويجوز أن يتعلق (في الحياة الدنيا) بـ"الذلة" وحدها، ويراد: سينالهم غضبٌ في الآخرة، وذلةٌ في الحياة الدنيا، (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله) [البقرة: 61].
[(وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)].
(وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) من الكفر والمعاصي كلها، (ثُمَّ تابُوا): ثم رجعوا، (مِنْ بَعْدِها) إلى الله واعتذروا إليه (وَآمَنُوا) وأخلصوا الإيمان، (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها): من بعد تلك العظائم، (لَغَفُورٌ): لستورٌ عليهم محاءٌ لما كان منهم، (رَحِيمٌ): منعم عليهم بالجنة، وهذا حكمٌ عامٌ يدخل تحته متخذو العجل ومن عداهم.
عظم جنايتهم أولاً ثم أردفها تعظيم رحمته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يتعلق (في الحياة الدنيا) بـ"الذلة" وحدها): عطف من حيث المعنى على قوله: "الغضب: ما أمروا به من قتل أنفسهم"، لأنه - على الأول - متعلق بالغضب والذلة معاً.
قوله: (عظم جنايتهم أولاً): يعني جمع (السيئات) وعرفها باللام الاستغراقي، ثم أعادها بعد ذكر التوبة في قوله: (من بعدها)، وعطف "آمنوا" على (تابوا)، تعظيما للذنب، وعقب ذلك بوصف الربوية، ثم أعاد لفظ (بعدها) لشدة العناية، وأردفها بقوله: (لغفور رحيم) ليفيد تلك الفائدة التي ذكرها.
ومثله في المعنى، وتكرير "بعد" للطول، قوله تعالى: (ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وأَصْلَحُوا إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النحل: 119].