. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: وفي سؤاله عليه السلام إشعار ببطلان أن الطلب للقوم، وذلك أن قوله: (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إلَيْكَ)، أي: اجعلني متمكناً من رؤيتك، بأن تتجلى لي، فأنظر إليك وأراك، كما فسره، وما فيه من المبالغة، والتأكيد، والدعاء بقوله: "رب"، ليس من كلام من أكره على الشيء، وألزم به، ومن له طبع مستقيم، وذوق سليم، يعلم أن هذا الكلام لا يصدر إلا عمن له قوة عزم، ورسوخ قدمٍ في الطلب، ولو كان معذوراً لكان في الطلب ما ينبئ عنه.

وغاية ما يلزمنا أنه عليه السلام توهم أنه تعالى جائز الرؤية في الدنيا. وهذا لا يقدح في مرتبته، ولا يحط من منزلته، كما قال إبراهيم عليه السلام: (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ولَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة: 260].

وروينا عن البخاري ومسلم، عن أبي هريرة: "نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى). ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي". على أن المشتاق الذي يتوق إلى محبوبه، المتيقن بحصول مطلوبه، يستعجل الوصول، ويتشبث بكل أمارة، وينتظر كل لمحة بارق.

فإنه عليه السلام لما وعد الميقات، وسمع الخطاب، لو لم يتحرك له أريحية الطلب، ويقنع بالسؤال والجواب، لما كان له عليه السلام اشتياق.

روى محيي السنة عن الحسن: "هاج به الشوق، فسأل الرؤية، وقال: إلهي، سمعت كلامك، فاشتقت إلى النظر إليك، ولأن أنظر إليك، ثم أموت أحب إلي من أن أعيش ولا أراك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015