. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا أراه نفسه لابد له أن ينظر إليه، فما فائدة إردافه؟ وأجاب بأن فائدته التأكيد والكشف التام، فإنه لما أردفه به أفاد طلب رفع المانع، وكشف الحجاب، والتمكين من الرؤية، بحيث لا يتخلف عنه النظر إليه، نحوه قولك: نظرت بعيني، وقبضت بيدي، فالنظر حينئذٍ مسبب. فلذلك أدخل المصنف الفاء في قوله: "فأنظر"، ثم سأل: "فكيف قال: (لن تراني) " وأتى بالفاء، أي: إذا كان النظر هو الغرض، وهو الذي طلب له الإراءة، كان من الواجب أن يقال: لن تنظر.

وأجاب: وإن كان الغرض النظر، لكن المطلوب، الذي عليه التعويل، طلب التجلي، وكشف الحجاب، إذ به يحصل الإدراك التام، ولولاه لا يجدي النظر شيئاً. ألا ترى كيف أتبع "وأراك": "فأنظر" في الجواب الأول؟ فكأنه قيل: "اجعلني متمكناً من رؤيتك، فانظر إليك وأراك".

وقلت: وهاهنا سؤال آخر، وهو أنه كيف قيل: (لن تراني)، ولم يقل: لن أريك نفسي، لقوله: (أرني)؟ والجواب: إنما عدل عن "لن أريك"، للتفادي عن الإيياس، وحسم الطمع. يعني: لن تراني ما دمت على حالة أنت فيها، فإذا ارتفع المانع أريك نفسي لتنظر إليه. وهذا معنى قول ابن عباس: "لن تراني في الدنيا". والجواب من الأسلوب الحكيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015