وعن ابن عباس رضي الله عنه: كلمه أربعين يوماً وأربعين ليلةً، وكتب له الألواح. وقيل إنما كلمه في أول الأربعين.

(أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ثاني مفعولي أرني محذوفٌ، أي: أرني نفسك أنظر إليك.

فإن قلت: الرؤية عين النظر، فكيف قيل: (أرني أنظر إليك)؟ قلت: معنى "أرني نفسك": اجعلني متمكناً من رؤيتك بأن تتجلى لي، فأنظر إليك وأراك.

فإن قلت: فكيف قال: (لَنْ تَرانِي)، ولم يقل: لن تنظر إليّ؛ لقوله: (أَنْظُرْ إِلَيْكَ)؟ قلت: لما قال: (أَرِنِي) بمعنى: اجعلني متمكناً من الرؤية التي هي الإدراك، علم أن الطلبة هي الرؤية لا النظر الذي لا إدراك معه، فقيل: (لن تراني)، ولم يقل: لن تنظر إليّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقوله: (بِرِسَالاتِي وبِكَلامِي) [الأعراف: 144]. وكل أحدٍ يساوي موسى عليه السلام فيما ذكره الزمخشري. بل كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قد سمعوا الكلام من أفضل المخلوقات، فلابد من اعتقاد أنه سمع الكلام القديم القائم بذات الله تعالى بلا واسطة، كما أجزنا في العقول أن ترى ذات الله، وإن لم يكن جسماً، فكذلك يجوز سماع كلامه وإن لم يكن حرفاً".

قوله: (الرؤية عين النظر): أي: النظر مقدم على الرؤية، فإنه عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي التماساً لرؤيته، وقد يتخلف عنه، فكيف جعله مؤخراً عنه؟ ويروى: "الرؤية عين النظر".

ويؤيد الأول قوله في "الشعراء": "الاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية، لأن الاستماع جارٍ مجرى الإصغاء". وتقرير هذا السؤال: أن (أرني) تكفي في الطلب، لأنه تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015