ثم يذهب فيفسر (مَهْما تَاتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) بمعنى الوقت، فيلحد في آيات الله وهو لا يشعر، وهذا وأمثاله مما يوجب الجثوّ بين يدي الناظر في "كتاب سيبويه".
فإن قلت: كيف سموها آيةً، ثم قالوا (لتسحرنا بها)؟ قلت: ما سموها آيةً لاعتقادهم أنها آية، وإنما سموها اعتباراً لتسمية موسى، وقصدوا بذلك الاستهزاء والتلهي.
(الطُّوفانَ): ما طاف بهم وغلبهم من مطر أو سيل، قيل: طغى الماء فوق حروثهم، وذلك أنهم مطروا ثمانية أيامٍ في ظلمةٍ شديدةٍ لا يرون شمساً ولا قمراً، ولا يقدر أحدهم أن يخرج من داره. وقيل أرسل الله عليهم السماء حتى كادوا يهلكون، وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مشتبكةٌ، فامتلأت بيوت القبط ماء حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، فمن جلس غرق، ولم تدخل بيوت بني إسرائيل قطرة، وفاض الماء على وجه أرضهم وركد، فمنعهم من الحرث والبناء والتصرف، ودام عليهم سبعة أيام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"في" كما يقال: اليوم خرجت فيه، لأن الهاء في "فيه" عبارة عن اليوم. أما المفعول به فضميره تارةً يجيء مع الباء، وأخرى بغيرها، نحو: ذهب به وأذهبه.
و(مهما) لو كان بمنزلة "متى" والضمير معبر عن المفعول فيه، وهو "متى"، لقال: تأتنا فيه، فعلم أنه ليس بمعنى "متى".
ووجه آخر، وهو أن (من أيةٍ) بيان (مهما)، فيكون عبارةً عنها، و"الآية" ليست بزمان.
قال في "الانتصاف": غر هؤلاء من كلام سيبويه قوله: "وسألت الخليل عن "مهما"، فقال: هي "ما" أدخلت عليها "ما" لغواً، بمنزلتها مع "متى" إذا قلت: متى ما تأتني آتك". انتهى