[(فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)].

(فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) من الخصب والرخاء، (قالُوا لَنا هذِهِ) أي: هذه مختصةٌ بنا ونحن مستحقوها، ولم نزل في النعمة والرفاهية، واللام مثلها في قولك: الجل للفرس، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) من ضيقةٍ وجدب، (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ): يتطيروا بهم ويتشاءموا ويقولوا: هذه بشؤمهم، ولولا مكانهم لما أصابتنا، كما قالت الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذه من عندك) [النساء: 78].

فإن قلت: كيف. قيل: (فإذا جاءتهم الحسنة) بـ (إذا) وتعريف (الحسنة)، (وإن تصبهم سيئةٌ) بـ (إنّ) وتنكير "السيئة"؟ قلت: لأنّ جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولولا مكانهم لما أصابتنا) أي: لولاهم. كقوله: "ونفيت عنه مقام الذئب".

قوله: (كيف قيل: (فإذا جاءتهم الحسنة)؟ ): أي: كيف أدخل على الجملة الأولى "إذا"، وهي لا تدخل إلا فيما هو متقين الوجود؟ وعلى الجملة الثانية "إن" وهي لا تدخل إلا فيما هو جائز الوجود؟

قوله: (لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب): أراد بالجنس: العهد الذهني الشائع، كما قال في تفسير (الحمد لله) [الفاتحة: 2]: "التعريف فيه للجنس، وإن المراد به الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد أن الحمد ما هو".

فالمراد بالحسنة: الحسنة التي تحصل في ضمن فرد من الأفراد، ويصدق عليها اسم الحسنة، وهي تارةً تكون خصباً، وأخرى رفاهية، أو صحة، أو غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015