[(وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)].
(بِالسِّنِينَ): بسني القحط، و «السنة»: من الأسماء الغالبة كالدابة والنجم ونحو ذلك، وقد اشتقوا منها فقالوا: أسنت القوم، بمعنى: أقحطوا. وقال ابن عباسٍ رضي الله عنه: أما السنون فكانت لباديتهم وأهل مواشيهم، وأمّا نقص الثمرات فكان في أمصارهم. وعن كعب: يأتي على الناس زمانٌ لا تحمل النخلة إلا تمرة، (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيتنبهوا على أن ذلك لإصرارهم على الكفر وتكذيبهم لآيات الله، ولأن الناس في حال الشدّة أضرع خدوداً وألين أعطافاً، وأرق أفئدة.
وقيل: عاش فرعون أربعمائة سنة ولم ير مكروهاً في ثلاث مئةٍ وعشرين سنة، ولو أصابه في تلك المدّة وجعٌ أو جوع أو حمى لما ادعى الربوبية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد اشتقوا منها فقالوا: أسنت القوم)، الجوهري: "السنة: إذا قلته بالهاء، وجعلت نقصانه الواو، فهو من هذا الباب، أي: باب "سنا"، تقول: أسنى القوم يسنون إسناء: إذا لبثوا في موضع سنة. وأسنتوا: إذا أصابتهم الجدوية، تقلب الواو تاءً للفرق بينهما. قال المازني: هذا شاذ، ولا يقاس عليه. وقال الفراء: توهموا أن الهاء أصلية، إذ وجدوها ثالثة، فقلبوها تاء".
قوله: (ولأن الناس) معلله محذوف، أي: لعلهم يذكرون، فيتنبهوا، ويتضرعوا، لأن الناس في حال الشدة أضرع خدوداً.
قال القاضي: " (لعلهم يذكرون): لكي يتنبهوا على أن ذلك بشؤم كفرهم ومعاصيهم، فيتعظوا، أو ترق قلوبهم بالشدائد، فيفزعوا إلى الله، ويرغبوا فيما عنده".