. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..
وإنما قلنا ذلك لأن قولهم: (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَاتِيَنَا ومِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) لا يليق إلا ببني إسرائيل. وأيضاً، الواقع أن بني إسرائيل هم الذين ورثوا ديار القبط بعدهم. يدل عليه قوله تعالى بعد هذا: (وأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ ومَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ودَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ ومَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف: 137]، وقول المصنف: "الأرض: أرض مصر والشام، ملكها بنو إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة".
والظاهر أن المراد بهذا الصبر قول موسى عليه السلام: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا).
وأما التصريح بقوله: (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ويَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ) (عسى) في هذا المقام قطع في إنجاز الموعود، والفوز بالمطلوب.
فإن قلت: كيف اتصال التصريح بالكنايتين؟ قلت: إنه عليه السلام لما بشرهم ووعدهم النصر وقهر الأعداء، قالوا: (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَاتِيَنَا ومِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا). يعني: بحق لم نزل مغلوبين مقهورين تحت أيدي القبط، استعبدونا قبل إرسالك وبعده، فمن أين لنا التسلط عليهم، وتوريث ديارهم؟ وكيف نفوز بالنصرة؟
فأجاب بقوله: (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ). وصرح بأن الله عز وجل هو وحده يقهر عدوكم ويهلكهم، من غير أن يحاولوا محاربتهم. وعدل إلى المظهر في قوله: (عدوكم) ليؤذن أن استحقاقهم الهلاك بسبب كونهم أعداءكم. وفيه إدماج معنى "من عادى ولياً لله فقد بارز مع الله".