(تأكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ) أي: الأرض أرض الله والناقة ناقة الله، فذروها تأكل في أرض ربها، فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من إنباتكم، (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ): لا تضربوها ولا تطردوها ولا تريبوها بشيءٍ من الأذى، إكراماً لآية الله.

ويروى: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحِجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: «لا يدخلنّ أحد منكم القرية، ولا تشربوا من مائها، ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم». وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عليّ، أتدري من أشقى الأوّلين»؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: «عاقر ناقة صالح، أتدري من أشقى الآخرين»؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال «قاتلك».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: الأرض أرض الله، والناقة ناقة الله): فإن قلت: هذه الإضافة آذنت بالاختصاص، وقد قدر فيما سبق أن الإضافة في (ناقة الله) للتعظيم والتفخيم، ولا ارتياب أن الإضافة في (أرض الله) غير مطلوبٍ منها التعظيم، بل الاختصاص، فأين التطابق؟ قلت: الاختصاص لا يدفعه التعظيم.

قوله: (ويروى: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم): الحديث من رواية البخاري ومسلم، عن ابن عمر قال: "لما مر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالحجر"، قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين". ثم قنع رأسه، وأسرع السير، حتى جاز الوادي.

أما رواية الكتاب. "باكين أن يصيبكم" فمعناه: خائفين أن يصيبكم مثل ما أصابهم.

قوله: (يا علي، أتدري من أشقى الأولين؟ ): وروى ابن عبد البر في "الاستيعاب" عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015