فإن قلت: لم وصف الملأ بـ (الَّذِينَ كَفَرُوا) دون الملأ من قوم نوح؟ قلت: كان في أشراف قوم هود من آمن به، منهم مرثد بن سعدٍ الذي أسلم وكان يكتم إسلامه فأريدت التفرقة بالوصف، ولم يكن في أشراف قوم نوح مؤمن. ونحوه قوله تعالى: (وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة) [المؤمنون: 33]، ويجوز أن يكون وصفاً وارداً للذمّ لا غير.

(فِي سَفاهَةٍ): في خفة حلمٍ وسخافة عقل، حيث تهجر دين قومك إلى دينٍ آخر، وجعلت السفاهة ظرفاً على طريق المجاز. أرادوا أنه متمكنٌ فيها غير منفك عنها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فأريدت التفرقة بالوصف): يعني: إنما وصف الملأ من قوم هود، دون قوم نوح، ليمتاز الذين كفروا من الذين آمنوا منهم. ولما لم يكن في أشراف قوم نوح مؤمن، لم يفتقر إلى التفرقة.

قال مولانا الإمام بهاء الدين الكاشي، تغمده الله برحمته: "وفيه نظر، لأن قوله تعالى في سورة "المؤمنين": (فَقَالَ المَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) [المؤمنون: 24] وارد في قوم نوح، وهو لا يساعد هذا الجواب. بقي أن يكون وصف ذم". يعني الجواب الأول مدخول، فتعين الجواب الثاني، وهو قوله: "ويجوز أن يكون وصفاً وارداً للذم".

وقلت: ويمكن أن يقال: إن اختصاص هذا المقام بالذم دون الأول، لأن هوداً كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015