لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ* أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)].

(أَخاهُمْ): واحداً منهم، من قولك: يا أخا العرب، للواحد منهم، وإنما جعل واحداً منهم، لأنهم أفهم عن رجلٍ منهم وأعرف بحاله في صدقه وأمانته، وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، و (أخاهم) عطفٌ على (نوحاً) [الأعراف: 59]، و (هُوداً) عطف بيان له.

فإن قلت: لم حذف العاطف من قوله: (قالَ يا قَوْمِ)، ولم يقل: «فقال» كما في قصة نوح؟ قلت: هو على تقدير سؤال سائلٍ قال: فما قال لهم هود؟ فقيل: قال يا قوم اعبدوا الله، وكذلك (قالَ الْمَلَأُ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأنهم أفهم عن رجلٍ منهم): أي: أفهم للكلام الصادر عن رجلٍ هو من أنفسهم، من رجلٍ من غيرهم، وأعرف بحاله من حال غيره، كقوله تعالى: (ومَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم: 4]، وقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ) [التوبة: 128].

قوله: (على تقدير سؤال سائل): وحاصله: إن كان الفاء رابطاً لفظياً، فالاستئناف رابط معنوي، كما سبق في أول "البقرة".

قال صاحب "الفرائد": "إنما حسن هذا لأن قصة نوح عليه السلام ابتداء كلام، فالسؤال غير مقتضى الحال. وأما قصة "هود" فكانت معطوفة على قصة "نوح"، فيمكن أن يقع في خاطر السامع: أقال هود ما قال نوح، أم قال غيره؟ فكانت مظنه أن يسأل: ماذا قال هود لقومه؟ فقيل: قال ما قاله نوح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015