[(فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ)].
(وَالَّذِينَ مَعَهُ) قيل: كانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة. وقيل: تسعة، بنوه سامٌ وحامٌ ويافث، وستةٌ ممن آمن به.
فإن قلت: (فِي الْفُلْكِ) بم يتعلق؟ قلت: هو متعلق بـ (مَعَهُ)، كأنه قيل: والذين استقروا معه في الفلك أو صحبوه في الفلك. ويجوز أن يتعلق بفعل الإنجاء، أي: أنجيناهم في السفينة من الطوفان، (عَمِينَ): عُمي القلوب غير مستبصرين، وقرئ: "عامِين". والفرق بين العَمِي والعامي: أن العمي يدل على عمىً ثابت، والعامي على عمىً حادث. ونحوه (قوله وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود: 12].
[(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ* قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ* قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى: (ولَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ عِلْمًا وقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ) [النمل: 15]، على رأي صاحب "المفتاح". ولهذا قال: "وهي الخشية بسبب الإنذار"، لأن إنذاره مقدم على خشيتهم.
قال القاضي: "لينذركم عاقبة الكفر والمعاصي، ولتتقوا منها بسبب الإنذار".
قوله: (أن العمى يدل على عمى ثابت) لدلالة الصفة المشبهة على الثبوت، (والعامي على عمىً حادث) لأن اسم الفاعل دونها في الدلالة على الثبوت.