فكانوا آمنين لا يعلمون ما علمه نوحٌ بوحي الله إليه، أو أراد: وأعلم من جهة الله أشياء لا علم لكم بها قد أوحي إليّ بها.

[(أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)].

(أَوَعَجِبْتُمْ) الهمزة للإنكار، والواو للعطف، والمعطوف عليه محذوف، كأنه قيل: أكذبتم وعجبتم. (أَنْ جاءَكُمْ): من أن جاءكم (ذِكْرٌ): موعظةٌ، (مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ): على لسان رجل منكم، كقوله: (ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران: 194]، وذلك أنهم يتعجبون من نبوّة نوح عليه السلام ويقولون: (ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين) يعنون إرسال البشر، (ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة) [المؤمنون: 24].

(لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا): ليحذركم عاقبة الكفر وليوجد منكم التقوى، وهي الخشية بسبب الإنذار، (وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ): ولترحموا بالتقوى إن وجدت منكم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو أراد: وأعلم من جهة الله). يريد: أن (من) في قوله: (وأعلم من الله): إما بيان (ما) حال منه، أو من العائد المحذوف في الصلة. فالمعنى: وأعلم ما لا تعلمون من صفات الله تعالى، وهي: شدة بطشه على أعدائه. وإنما لم يعلموا لأنهم أول الأمم الهالكة، لم يسمعوا بقوم حل بهم العذاب قبلهم. أو هو متعلق بقوله: "أعلم"، ابتدائية. فالمعنى ما قال: "وأعلم من جهة الله أشياء لا علم لكم بها"، لأن الوحي إنما يختص بالأنبياء.

قوله: (وليوجد منكم التقوى). أي: ليوجد منه الإنذار، وليوجد منكم التقوى.

نزلهما منزلة اللازم، وجعل العطف على مجموع (لينذركم) مع اللام، على منوال قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015