(وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) بساه عنه يخفى عليه مقاديره وأحواله وما يستحق عليه من الأجر.

[(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ* إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)].

(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ) عن عباده وعن عبادتهم، (ذُو الرَّحْمَةِ) يترحم عليهم بالتكليف ليعرّضهم للمنافع الدائمة، ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ......

فله في عمله درجات، يعني في الثواب والعقاب، على قدر أعمالهم في الدنيا، وإنه عالم بها على التفصيل، فرتب على كل درجةٍ ما يليق به من الجزاء". هذا تقرير ما ذكره المصنف. "والثاني: أن هذا مختص بأهل الطاعة، لأن لفظة "الدرجة" لا تليق إلا بهم".

وقلت: فعلى هذا: الجملة معطوفة من حيث المعنى على قوله: (ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ)، يعني: إرسال الرسل لم يكن إلا لتنبيه الغافلين، لتلزمهم الحجة، ولظهور طاعة المطيعين، وثبوت درجاتهم لأعمالهم الصالحة، ليجازيهم الله على ذلك.

قوله: ((وربك الغني) عن عباده). قال الإمام: "اعلم أنه تعالى لما بين ثواب أصحاب الطاعات، وعقاب أصحاب المعاصي، وذكر أن لكل قوم درجةً مخصوصة، ومرتبةً معينة، بين أن تخصيص المطيعين بالثواب، والمذنبين بالعذاب، ليس لأجل أنه يحتاج إلى طاعة المطيعين، أو ينتقص لمعصية المذنبين، فإنه تعالى غني لذاته عن جميع العالمين، ومع كونه غنياً، فإن رحمته عامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015