(إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ) أيها العصاة (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) من الخلق المطيع (كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) من أولاد قومٍ آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم، وهم أهل سفينة نوح عليه السلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاملة، ولا سبيل إلى تربية المكلفين، وإيصالهم إلى درجات الأبرار، إلا بعد الترغيب في الطاعات، والترهيب عن المحظورات".

وإلى هذا المعنى أشار المصنف بقوله: "يترحم عليهم بالتكليف، ليعرضهم للمنافع الدائمة". وقال القاضي: "وفيه تنبيه على أن ما سبق ذكره من الإرسال ليس لنفعه، بل لترحمه على العباد، وتأسيس لما بعده؛ وهو قوله: (إن يَشَا يُذْهِبْكُمْ)، أي: ما به إليكم حاجة. إن يشأ يذهبكم أيها العصاة".

قلت: هذا أحسن لتأليف النظم، يعني أنه تعالى إنما ذكر "الرحمة"، وقرن به "الغنى" في قوله: (ورَبُّكَ الغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ) لأمرين: أحدهما: ليشير إلى أن ذلك الإرسال المذكور لم يكن إلا لمحض رحمة العباد، لأنه غني مطلقاً، وثانيهما: أن يكون تخلصاً إلى خطاب العصاة من أمة محمد صلوات الله عليه بقوله: (إن يَشَا يُذْهِبْكُمْ) لأجل ذلك الاقتران، يعني أنه تعالى مع كونه ذا الرحمة، بإرسال الرسل، كذلك غني عن العالمين، وعنكم خاصة أيها العصاة، إن يشأ يذهبكم ويأت بآخرين، ولذلك عقبه بقوله: (إنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ).

قوله: (وهم أهل سفينة نوحٍ) شبه إذهاب المخاطبين من عصاة الأمة واستبدالهم، وإنشاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015