يقال لهم يوم القيامة على جهة التوبيخ: (لَمْ يَاتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ)؟

واختلف في أن الجن هل بعث إليهم رسل منهم؟ فتعلق بعضهم بظاهر الآية ولم يفرق بين مكلفين ومكلفين أن يبعث إليهم رسول من جنسهم، لأنهم به آنس وله آلف. وقال آخرون: الرسل من الإنس خاصة، وإنما قيل رسل منكم لأنه لما جمع الثقلان في الخطاب صحَّ ذلك، وإن كان من أحدهما، كقوله: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن: 22]، وقيل: أراد رسل الرسل من الجنّ إليهم، كقوله تعالى: (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) [الأحقاف: 29]. وعن الكلبي: كانت الرسل قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم يبعثون إلى الإنس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى الإنس والجن.

(قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) حكايةٌ لتصديقهم وإيجابهم قوله: (أَلَمْ يَاتِكُمْ)، لأن الهمزة الداخلة على نفى إتيان الرسل للإنكار، فكان تقريراً لهم.

وقولهم: (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) إقرارٌ منهم بأن حجة الله لازمةٌ لهم، وأنهم محجوجون بها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجَانُ)) قال الزجاج: "وإنما جاز ذلك لأن الجماعة تعقل وتخاطب؛ فالرسل هم بعض من يعقل، نحوه: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجَانُ) [الرحمن: 22]، وإنما يخرج من المالح دون العذب، فقال: (منهما)، لأن ذكرهما قد جمع، وهذا جائز في كل ما اتفق في أصله، كما اتفق الجن مع الإنس في باب التمييز".

قوله: (وإيجابهم) تفسير لقوله: "لتصديقهم"، أي: يقرون بالاستفهام الداخل على النفي، ويقرون أن الحجة لازمة لهم، وأنهم محجوجون بالإيجاب، هو الذي في مقابل النفي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015