. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ"إن" واللام، ومثلها لا يليق بترك التسمية، لا سهواً ولا عمداً، وكذا عطف قوله: (وإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ)، والمجادلة: هي قولهم: لم لا تأكلون ما قتله الله، وتأكلون ما قتلتموه أنتم؟ وذلك إنما يصح في الميتة، فدخل في قوله: (وإنه لفسقٌ): ما أهل لغير الله فيه، وبقوله: (وإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ)، فيتحقق قول الشافعي: هذا النهي مخصوص بما ذبح على اسم النصب، أو مات حتف أنفه.
وفي كلام المصنف إشعار بهذا المعنى.
ثم قضية النظم تساعده مساعدةً ليس بعدها، فإن قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) [الأنعام: 118] كما قال: "مسبب عن إنكار إتباع المضلين؛ الذين يحلون الحرام، ويحرمون الحلال، وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين: إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله، فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم، فقال للمسلمين: إن كنتم متحققين بالإيمان، فكلوا مما ذكر اسم الله عليه خاصة، دون ما ذكر عليه اسم غيره، أو مات حتف أنفه. وما ذكر اسم الله عليه: هو المذكي باسم الله".
ثم حث المسلمين بقوله: (ومَا لَكُمْ أَلاَّ تَاكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) على أكل ما أحل لهم، والاجتناب عما حرم عليهم، يعني: أي غرض لكم في توقفكم فيه بما أوقعوا من الشبه، وقد نص الله تعالى في أكل ما أباح أكله وترك ما يحترز عنه في قوله تعالى: (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) إلى قوله: (إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ والدَّمَ) الآية [البقرة: 172 - 173]، ثم لما أريد المزيد في التفصيل والبيان قيل: (ولا تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنَّهُ لَفِسْقٌ) كأنه قيل: كلوا مما ذكر اسم الله عليه، وما لكم لا تأكلون وقد أزيحت العلة بالبيان والتفصيل، وها قد تكرر عليكم النهي وتجدد مرةً أخرى بقوله: (ولا تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ).