(لَيُوحُونَ): ليوسوسون (إِلى أَوْلِيائِهِمْ) من المشركين، (لِيُجادِلُوكُمْ) بقولهم: ولا تأكلوا مما قتله الله؟ وبهذا يرجع تأويل من تأوله بالميتة، (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) لأنّ من اتبع غير الله تعالى في دينه فقد أشرك به، ومن حق ذي البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيفما كان؛ لما يرى في الآية من التشديد العظيم، وإن كان أبو حنيفة رحمه الله مرخصاً في النسيان دون العمد، ومالكٌ والشافعي رحمهما الله فيهما.
[(أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويدل على التوكيد قوله: (وإنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ)، وقوله أيضاً: (وإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ)، لأنهما في معنى قوله: (وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ) [الأنعام: 116]، والله أعلم.
قوله: (لأن من اتبع غير الله ... فقد أشرك به) قال الزجاج: "هذه الآية فيها دليل على أن كل من أحل شيئاً مما حرم الله، أو حرم شيئاً مما أحل الله، فهو مشرك، وإن أطاع الله في جميع ما أمره، وإنما سمي مشركاً لأنه اتبع غير الله، فأشرك به غيره".
والذي عليه كلام المصنف أنه من باب التغليظ، كقوله تعالى: (ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ)، وبعده: (ومن كفر) [آل عمران: 97]، لقوله: "ومن حق ذي البصيرة في دينه ألا