. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذلك بقوله: (ولا يجوز أن يكون "ما" نفياً، على تقدير: وما يشعركم الله إيمانهم، لأن الله تعالى قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون، بقوله: (ولَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وكَلَّمَهُمُ المَوْتَى) إلى قوله: (مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا) [الأنعام: 111] "، لأن تقريره - وذلك أن المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية ويتمنون مجيئها - بيان لمقتضي المقام، يعني: نزل المؤمنون، لحرصهم على إيمان القوم، منزلة من يدعي أن الآيات من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم البتة، ومنزلة من لا يدري أن علم الله سبق بأنهم لا يؤمنون إذا جاءت الآيات. وذلك أن قريشاً لما سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية، وحلفوا: (ليؤمنن بها)، سأل المسلمون أيضاً ذلك إظهاراً للحرص على إيمانهم، فقيل له صلوات الله عليه أن يقول لهم: أولاً: (إنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ) لا عندي، وثانياً: (ومَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) بمعنى: كأنكم لا تدرون سبق علمي بأنهم لا يؤمنون إذا جاءت الآيات، بسبب طمعكم هذا. وهو المراد من قوله: "وما يدريكم أنهم لا يؤمنون؟ على معنى: أنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون".

ولخصه القاضي حيث قال: "وما يدريكم، استفهام إنكار، أي: لا تدرون أنهم لا يؤمنون؛ أنكر السبب مبالغةً في نفي المسبب". يعني: أنكر الدراية بهذا العلم، وأريد إنكار إظهار الحرص على إيمانهم، أي: أنتم لا تدرون هذه المسألة، فلذلك تطمعون في إيمانهم.

ومنه قوله تعالى: (وإن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إعْرَاضُهُمْ فَإنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ) الآية [الأنعام: 35]، قال: "كانوا يقترحون الآيات، فكان يود أن يجابوا إليها، لتمادي حرصه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015