يعني: أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها، وأنتم لا تدرون بذلك. وذلك أن المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية ويتمنون مجيئها، فقال عزّ وجلّ: وما يدريكم أنهم لا يؤمنون، على معنى أنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون به، ألا ترى إلى قوله: (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام: 110]. وقيل: (أنها) بمعنى: «لعلها»، من قول العرب: ائت السوق أنك تشتري لحماً. وقال امرؤ القيس:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على إيمانهم، فقيل له: إن استطعت كذا فافعل، دلالةً على أنه بلغ في حرصه أنه لو استطاع ذلك لفعله".

وقال الإمام نور الدين الحكيم الأبرقوهي رحمه الله: "معنى الآية: وما يشعركم أيها المؤمنون المتمنون مجيء الآيات التي اقترحوها أنها إذا جاءت لا يؤمنون؟ أي: أنكم لا تدرون ذلك وأنا أدري". فالاستفهام بمعنى النفي. وعلى هذا قال بعضهم: إن قوله فيما بعد: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام: 110] متصل بهذا، تدرون أنهم (إذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ)، (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ).

والآية شديدة الشبه بقول السيد الذي حبس عبده - مثلاً - للذي يشفع إليه من أصحابه في إطلاقه: إنه إذا أطلق لا يمتثل، أي: أنا رزته، وذقت طباعه، وأعلم إصراره، وأنت لا تعلم.

قوله: (ألا ترى إلى قوله: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ) أي: هذه الآية التالية مؤذنة بأن (لا) غير مزيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015