. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال صاحب "الانتصاف": "إذا قيل لك: أكرم زيداً يكافئك، قلت في إنكاره: وما يدريك أنني إذا أكرمته يكافئني؟ فإن قال: لا تكرم زيداً فإنه لا يكافئك، قلت في إنكاره: وما يدريك أنه لا يكافئني؟ تريد: وأنا أعلم منه المكافأة. فكان مقتضي حسن ظن المؤمنين بهؤلاء المعاندين أن يقال لهم: وما يدريكم أنها إذا جاءت يؤمنون؟ وإثبات (لا) يعكس المعنى إلى أن المعلوم لك الثبوت، وأنت تنكر على من نفي، فلهذا حملها بعض العلماء على زيادة "لا"، وبعضهم على معنى "لعل"، والزمخشري أبقاها على وجهها بطريق نوضحه بمثالنا المذكور.
فإذا قيل لك: أكرم زيداً يكافئك، فلك حالتان: حالة تنكر عليه ادعاءه العلم بما يعلم خلافه، وحالة تعذره في عدم العلم أنه لا يكافئ، فإنكار الأول بحذف "لا"، وإنكار الثاني يجوز معه ثبوت "لا"، بمعنى: ومن أين تعلم أنت ما علمته أنا من أنه لا يكافئ؟ فالآية أقيم فيها عذر المؤمنين في عدم علمهم بالغيب الذي علمه الله، وهو عدم إيمان هؤلاء فاستقام دخول (لا) ".
وقلت: الظاهر من تفسير المصنف بقوله: و"ما يدريكم (أنها): أن الآية التي تقترحونها (إذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) بها"، وقوله: "يعني: أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، وأنتم لا تدرون" أن الاستفهام فيه للإنكار، وفيه معنى النفي، وإن منع صاحب "الكشف"