والبصيرة: نور القلب الذي به يستبصر، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر. أي: جاءكم من الوحي والبينة على ما يجوز على الله وما لا يجوز ما هو للقلوب كالبصائر، (فَمَنْ أَبْصَرَ) الحق وآمن (فَلِنَفْسِهِ) أبصر وإياها نفع، (وَمَنْ عَمِىََ) عنه فعلى نفسه عمى وإياها ضرَّ بالعمى، (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها، إنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم.

[(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)].

(وَلِيَقُولُوا) جوابه محذوف تقديره: وليقولوا "درست" نُصرّفها. ومعنى (دَرَسْتَ): قرأت وتعلمت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والبصيرة: نور القلب الذي به يستبصر، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر)، فيه بيان لربط هذه الآية بما قبلها، يعني: كما نفي إدراك البصر عن المكلفين، أثبت لهم البصيرة، ومن عليهم بما منى لهم، وحذرهم أن يغفلوا عنها بقوله: (ومَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا).

وقلت: والذي يقتضيه النظم أن "قل" هاهنا مقدرة، بدليل قوله: (ومَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) فكأنه تعالى يقول: قل يا محمد للقوم: قد جاءكم فيما سبق في هذه السورة، من الآيات البينات، والبراهين الساطعات، ما يفتح به آذاناً صماً، وأعيناً عمياً، وقلوباً غلفاً، فمن أبصر الحق فلنفسه بصر، وإياها نفع، ومن عمي عنه فعلى نفسه عمي، وإياها ضر، وأنا لا أحفظ أعمالكم، وإنما أنا منذر، والله هو الحفيظ عليكم.

ولما قلنا: إن المراد: جاءكم في السورة من الآيات البينات، قال فذلكة: (وكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ ولِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).

قوله: (جوابه محذوف)، أي: معلله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015