مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ* وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ)].
(وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ) وكانوا حاجوه في توحيد الله ونفي الشركاء عنه منكرين لذلك، (وَقَدْ هَدانِ) يعني: إلى التوحيد، (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) وقد خوفوه أنّ معبوداتهم تصيبه بسوء، (إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً): إلا وقت مشيئة ربي شيئاً يُخاف، فحذف "الوقت"، يعني: لا أخاف معبوداتكم في وقتٍ قط؛ لأنها لا تقدر على منفعة ولا مضرة، إلا إذا شاء ربي أن يصيبني بمخوفٍ من جهتها إن أصبت ذنباً أستوجب به إنزال المكروه، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو هذا الخطاب قول الرسل: (ومَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس: 22]. وأما معنى قوله تعالى: (وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ولِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ) على ما فسره: (ومثل ذلك التعريف والتبصير نعرف إبراهيم"، فالمراد هداية طريقة الاستدلال مع الخصوم، ومزيد تسديد النظر لنفسه. ولا شك أن العارف كلما كر إلى الدلائل، وقررها مع الخصوم، ازداد يقينه، لاسيما إذا حصل مع ذلك إفحام الخصوم، ومن ثم كررها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد.