مثل أن يرجمني بكوكبٍ أو بشقةٍ من الشمس أو القمر، أو يجعلها قادرة على مضرتي، (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أي: ليس بعجبٍ ولا مستبعدٍ أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها، (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) فتميزوا بين الصحيح والفاسد، والقادر والعاجز.

(وَكَيْفَ أَخافُ) لتخويفكم شيئاً مأمون الخوف لا يتعلق به ضررٌ بوجه، (و) أنتم (لا تَخافُونَ) ما يتعلق به كل مخوف، وهو إشراككم بالله (ما لم ينزل) بإشراكه (سُلْطاناً) أي: حجة، لأن الإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة، كأنه قال: وما لكم تنكرون عليّ الأمن في موضع الأمن، .....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويعضده ما ذكره محيي السنة: (لا يجوز أن يكون لله رسول، يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله موحد، وبه عارف، ومن كل معبودٍ سواه بريء. وكيف يتوهم هذا على من عصمه الله، وطهره، وآتاه رشده من قبل، وأخبر عنه، فقال: (إذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الصافات: 84]، وقال: (وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ولِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ)! أفتراه أراهه الملكوت ليوقن، فلما أيقن (رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي) معتقداً! هذا لا يكون أبداً، بل أراد أن يستدرج القوم بهذا القول، ويعرفهم خطأهم وجهلهم في تعظيم ما عظموه، وكانوا يعظمون النجوم، ويعبدونها، ويرون أن الأمور كلها إليها".

قوله: (وما لكم تنكرون على الأمن في موضع الأمن؟ ) زاد "الموضع" ليشير إلى أنه متمكن على الأمن، فلا يحوم الخوف بساحته، وأنهم على عكسه، تأكيداً لقوله: (وكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ ولا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ)، وإنما زاد "أنتم" لينبه على أنهم أحقاء بالخوف، فبني الكلام على تقوي الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015