وقرئ: "تري إبراهيم ملكوت السموات والأرض" بالتاء ورفع "الملكوت"، ومعناه: تبصره دلائل الربوبية.

[(وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ* وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ* وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ* وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الانتصاف: "إنما عرض بضلالهم في أمر القمر، لأنه قد أيس منهم في أمر الكواكب، ولو قاله في الأول لما أنصفوا ولا أصغوا، ولهذا صرح في الثالثة بالبراءة منها، وأنهم على شرك، لما تبلج الحق، وبلغ الغاية في الظهور، ثم قال: "صدق صاحب الكشاف، بل يتعين هذا. وقد جاء في حديث الشفاعة: "فيأتون إبراهيم، فيذكر كذباته الثلاث" وهي كلها معاريض، فلو صدر منه أمر أشد، لذكره، ولو كان هذا مع نفسه لكان شكاً في الله، ولكان أعظم ما صدر عنه، فكان أولى أن يعده، والصحيح أن الأنبياء قبل النبوة معصومون من ذلك".

قلت: وأما حسن التأليف فإن قوله لأبيه، وإنكاره عليه بقوله: (أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إنِّي أَرَاكَ وقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) إنما ينتظم انتظاماً مع قوله: (يَا قَوْمِ إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) إذا كان الاستدلال لأجل القوم، لأن صرف الخطاب معه إلى القوم يستدعي ألا يكون قد أشرك بالله طرفة عين، يؤيده قوله تعالى: (إذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الصافات: 84].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015