روي: أن رؤوساً من المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو طردت عنا هؤلاء الأعبد - يعنون فقراء المسلمين، وهم عمار وصهيب وبلال وخباب وسلمان وأضرابهم رضوان الله عليهم-، وأرواح جبابهم - وكانت عليهم جباب من صوف -؛ جلسنا إليك وحادثناك، فقال عليه الصلاة والسلام: "ما أنا بطارد المؤمنين"، فقالوا: فأقمهم عنا إذا جئنا، فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت، فقال: "نعم"؛ طمعاً في إيمانهم. وروي أن عمر رضي الله عنه قال: لو فعلت حتى ننظر إلى ما يصيرون. قال فاكتب بذلك كتاباً، فدعا بصحيفة وبعليّ رضي الله عنه ليكتب، فنزلت. فرمى بالصحيفة، واعتذر عمر من مقالته.
قال سلمان وخباب وصهيب: فينا نزلت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا ويدنو منا حتى تمس ركبنا ركبته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قوله: "والمراد بالغداة والعشي: الدوام" ينبي أن الدوام هو الزبدة من اختصاص هذين الوقتين، لاختصاصهما بعينهما. وإنهم يقولن: "أنا عند فلان صباحاً ومساءً"، ويريدون الدوام. فيكون التقدير: يواظبون على ذكر ربهم دائمين. فيكون حالاً مؤكدة.
قوله: (روي أن رؤوساً من المشركين). الحديث رواه ابن ماجه عن خباب، وقال: "جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حسن الفزاري". وليس فيه أن عمر رضي الله عنه قال شيئاً، ولا فيه قوله: "الحمد لله الذي لم يمتني".
قوله: (وأرواح جبابهم): أي: روائحها الكريهة، وهو عطف على "هؤلاء الأعبد"، على تقدير: وأبعدت أرواح جبابهم، نحو قوله:
علفتها تبناً وماءً باردا