وكان يقوم عنا إذا أراد القيام، فنزلت: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم)، فترك القيام عنا إلى أن تقوم عنه، وقال: "الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرنى أن أصبر نفسي مع قوم من أمتى. معكم المحيا ومعكم الممات".
و(ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)، كقوله: (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) [الشعراء: 113]، وذلك أنهم طعنوا في دينهم وإخلاصهم، فقال: (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) بعد شهادته لهم بالإخلاص وبإرادة وجه الله في أعمالهم، على معنى: وإن كان الأمر على ما يقولون عند الله، فما يلزمك إلا اعتبار الظاهر والاتسام بسيرة المتقين، وإن كان لهم باطنٌ غير مرضي، فحسابهم عليهم لازمٌ لهم لا يتعدّاهم إليك، كما أن حسابك عليك لا يتعدّاك إليهم، كقوله: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الزمر: 7].
فإن قلت: أما كفى قوله: (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) حتى ضم إليه (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ)؟
قلت: قد جُعلت الجملتان بمنزلة جملةٍ واحدة، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ ومَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم {، كقوله: {إنْ حِسَابُهُمْ إلاَّ عَلَى رَبِّي {[الشعراء: 113]. قال أبو البقاء: {يُرِيدُونَ {: حال من {يَدْعُونَ {، و {مِنَ {في {مَنِ شَيءً {: زائدة، وموضعها رفع بالابتداء، و {عَلَيْكَ {: الخبر، و {مِن حِسَابِهِم {: صفة {شَيءٍ {قدم عليه، فصار حالاً، وكذلك الذي بعده، إلا أنه قدم {مَنْ حِسَابِكَ {على {عَلَيِهم {، ويجوز أن يكون الخبر {مَنِ حِسَابِكَ {و {عَلَيِهم {صفة لـ {شَيءِ {مقدمة عليه، {فَتَطْرُدَهُمْ {. جوال لـ {مَا {النافية، فلذلك نصب: {فَتَكُونَ {جواب {وَلاَ تَطْرُدِ {.