أن يكون حقاً فيهلكوا، فهم ممن يرجى أن ينجع فيهم الإنذار، دون المتمرّدين منهم، فأمر أن ينذر هؤلاء.
وقوله: (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) في موضع الحال من (يحشروا)، بمعنى: يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعاً لهم، ولا بدّ من هذه الحال، لأن كلا محشور، فالمخوف إنما هو الحشر على هذه الحال.
[(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن ينجع)، الجوهري: "نجع فيه الخطاب والوعظ والدواء: إذا دخل وأثر".
قوله: (ولابد من هذه الحال). قال صاحب "التقريب": "لأن المخوف هو الحشر على هذه الحال، لا أصل الحشر".
وقلت: معنى قول المصنف يعود إلى مذهبه، يعني: لابد من القيد لأن الحشر مطلقاً لا يخاف منه، وإنما الذي يخاف منه هو الحشر الذي يعتقد المكلف فيه أن لا شفيع ولا نصير إلا الله وهو قد فرط في جنب الله، فحينئذ خسر خسرانا مبيناً. فإذا خاف هذه الحالة نفع معه الإنذار، ونجع فيه الوعظ، ويفهم منه أن المتقي الذي يتحرى رضا الله لا يخاف حينئذ، وخرج من هذا الحكم.
ولهذا قال بعد هذا: "ذكر غير المتقين من المسلمين، وأمر بإنذارهم ليتقوا، ثم أردفهم ذكر المتقين)، فاعتضد المفهوم بدلالة النظم والترتيب. ولكن النظم الأوفق أن قوله تعالى: {أَنذِرِ {: أمر وارد عقيب قوله: {ولا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ {[الأنعام: 50]، وقد عطف عليه النهي، وهو: {ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ {[الأنعام: 52].