(أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ): فلا تكونوا ضالين أشباه العميان، أو فتعلموا أني ما ادعيت ما لا يليق بالبشر، أو فتعلموا أن أتباع ما يوحى إليَ مما لا بدّ لي منه.
فإن قلت: (أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ما محله من الإعراب؟ قلت: النصب عطفاً على قوله: (عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ)، لأنه من جملة المقول، كأنه قال: لا أقول لكم هذا القول ولا هذا القول.
[(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)].
(وَأَنْذِرْ بِهِ) الضمير راجع إلى قوله: (ما يُوحى إِلَيَّ) [الأنعام: 50]، و (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا) إمّا قومٌ داخلون في الإسلام، مقرّون بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل، فينذرهم بما يوحى إليه، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي: يدخلون في زمرة المتقين من المسلمين، وإمّا أهل الكتاب، لأنهم مقرّون بالبعث، وإما ناسٌ من المشركين علم من حالهم أنهم يخافون إذا سمعوا بحديث البعث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ {: فلا تكونوا ضالين أشباه العميان)، الراغب: "الفكرة: قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم. والتفكير: جولان تلك القوة بحسب نظر العقل. وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب. ولهذا روي: "تفكروا في آلاء الله، ولا تتفكروا في الله"، إذ كان الله عز وجل منزهاً أن يوصف بصورة".