(فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ): آخرهم، لم يترك منهم أحد، قد استؤصلت شأفتهم، (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إيذانٌ بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة، .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراغب: "الإبلاس: الحزن من شدة البأس، ومنه اشتق "إبليس" فيما قيل. ولما كان المبلس كثيراً ما يلزم السكوت، وينسى ما يعنيه، قيل: أبلس فلان: إذا سكت وإذا انقطعت حجته".

قوله: (قد استؤصلت شأفتهم)، أي: أذهبهم الله. النهاية: "الشأفة بالهمز وغير الهمز: قرحة تخرج في أسفل القدم، فتقط وتكوى، فتذهب. ومنه قولهم: استأصل الله شأفته: أي أذهبه".

قوله: (إيذان بوجوب الحمد [الله] عند هلاك الظلمة). هذا يؤذن أن {والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ {- كما قال في الكواشي - إخبار بمعنى الأمر: أي: احمدوا الله. وكذا كل ما ورد في القرآن من هذا. ثم "الحمد" على ما سبق في أول الكتاب، قد يكون شكراً للصنيعة، وقد يكون للثناء على الفضائل الاختيارية.

أما بذله على الشكر فإن قوله: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا إلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَاسَاءِ {إلى قوله: {فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا {وارد ليسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: هؤلاء المشركون الذين تدعوهم إلى الله، وهم يعاندون، ويكذبونك، لابد أن يكون لهم أسوة بمن قبلهم في هلاكهم وتدميرهم، واستئصال شأفتهم، فإذا تم عليهم ذلك، فاحمد الله على طهارة الأرض من عبث الظلمة.

فالرب على هذا فيه معنى التربية، لأن في هلاكهم تخليصاً لأهل الأرض من شؤم عقائدهم وإضلالهم، واحتباس الخير النازل من السماء. وذلك نعمة جليلة يجب أن يحمد عليها.

وأما بذله على الفضائل الاختيارية، فإنه تعالى لما ذكر إهلاك المتمردين، وتطهير الأرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015