البأساء والضراء: البؤس والضر. وقيل: البأساء: القحط والجوع. والضراء: المرض ونقصان الأموال والأنفس. والمعنى: ولقد أرسلنا إليهم الرسل، فكذبوهم فأخذناهم. (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ): يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم.

(فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَاسُنا تَضَرَّعُوا) معناه: نفي التضرع، كأنه قيل: فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا. ولكنه جاء بـ"لولا" ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم، وقسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم.

(فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) من البأساء والضراء، أي: تركوا الاتعاظ به ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم، (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) من الصحة والسعة وصنوف النعمة، ليراوح عليهم بين نوبتي الضراء والسراء، ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولكنه جاء بـ"لولا" ليفيد أنه لم يكن لهم عذر)، وذلك أن "لولا" إذا دخلت على المضي أفاد التنديم والتوبيخ، كأنه قيل: لم لم يتضرعوا؟ وليتهم تضرعوا، وكانوا متمكنين منه، غير ممنوعين. وإليه الإشارة بقوله: "لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم". ولو بقي التضرع صريحاً لم يدل عليه عدم المانع من التضرع.

قال صاحب "المفتاح": "فإذا قيل: "هلا أكرمت زيداً؟ "، فكأن المعنى: ليتك أكرمت زيداً، متولداً منه معنى التنديم".

قوله: (ليراوح عليهم)، الجوهري: "المراوحة في العملين: أن يعمل هذا مرة وهذا مرة. وتقول: راوح بين رجليه: إذا قام على إحداهما مرة، وعلى الأخرى مرة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015