وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين؟ قلت: قد اشترط في الكشف المشيئة، وهو قوله: (إِنْ شاءَ)؛ إيذاناً بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة، إلا أنه لا يفعل لوجهٍ آخر من الحكمة أرجح منه.

[(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَاساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ* فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَاسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا بل أنتم قوم عادتكم أنكم تخصون الله بالدعاء عند الكرب والشدائد، فيكشف ما تدعون إليه.

وإن علقته بالاستفهام، أي: بقوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ {، يكون هو الدال على الجزاء. فالمعنى: أخبروني إن أتتكم الساعة: أدعوتم غير الله، أم دعوتم الله، فيكشف ما تدعون؟ ودخلت همزة الاستفهام لمزيد التقرير، وحينئذ يلزم كشف قوارع الساعة عنهم، وهي لا تنكشف عن الكفار.

قال أبو البقاء: "مفعول {أَرَءَيْتَكُمْ {محذوف، أي: أرأيتكم عبادتكم الأصنام؟ دل عليه قوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ {. وقيل: الشرط والجزاء مفعوله. وأما جواب الشرط فما دل عليه الاستفهام، أي: إن أتتكم الساعة دعوتم الله".

قوله: (قوارع الساعة)، الجوهري: "القارعة: الشديدة من شدائد الدهر، وهي الداهية. يقال: قرعتهم قوارع الدهر، أي: أصابتهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015