[(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ)].

(أَرَأَيْتَكُمْ) أخبروني، والضمير الثاني لا محل له من الإعراب، لأنك تقول: أرأيتك زيداً ما شأنه؟ فلو جعلت للكاف محلاً لكنت كأنك تقول: أرأيت نفسك زيداً ما شأنه؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتهالكه عليه، ذلك الإنكار البليغ، وضرب لهم مثلاً بالموتى أتى بقوله: {ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ {الآية [الأنعام: 38]، بياناً لربوبيته، وشاهداً على عظمة ألوهيته. وعقبه بقوله: {والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ {[الأنعام: 39]، ليدل به على أن هؤلاء الكفرة، مع هذه الأدلة الظاهرة، والأنوار الساطعة، خابطون في ظلمات الكفر، صم لا يسمعون كلام المنبه، بكم لا ينطقون بالحق.

يعني أنه ليس في مقدورك هدايتهم {وسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {[البقرة: 6] لأن ذلك مبني على المشيئة، وعلمه السابق. {ولَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ {[السجدة: 13]. وكم ترى من آيات هذا الكتاب الكريم معاضدة بعضها بعضاً في هذا المعنى، كما أشرنا إليها في أماكنها.

وأما قول المصنف: " {يُضْلِلْهُ {، أي: يخذله ويخله وضلاله" فهو نابٍ عن مظانه، كأنه جاء يرقعه ليسد ثلمه، هيهات! "اتسع الخرق على الراقع".

قوله: (والضمير الثاني لا محل له من الإعراب). قال الزجاج: "ذهب الفراء إلى أن الكاف في "أرأيتك" لفظها نصب، ومعناها رفع. نحو: "دونك زيداً"، الكاف مخفوض لفظاً، مرفوع معنى، لأن المعنى: خذ زيداً. وهذا خطأ، لأن "أرأيت" في قولك: أرأيتك زيداً ما شأنه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015