فإن قلت: فما الغرض في ذكر ذلك؟ قلت: الدلالة على عظم قدرته، ولطف علمه، وسعة سلطانه وتدبيره: تلك الخلائق المتفاوتة الأجناس، المتكاثرة الأصناف، وهو حافظ لما لها وما عليها، مهيمنٌ على أحوالها، لا يشغله شأن عن شأن، وأنّ المكلفين ليسوا بمخصوصين بذلك دون من عداهم من سائر الحيوان.

وقرأ ابن أبي عبلة: "ولا طائر"؛ بالرفع على المحل، كأنه قيل: وما دابة ولا طائر. وقرأ علقمة: "ما فرطنا"؛ بالتخفيف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنما هو إلى الجنسين، وإلى تقريرهما". قوله: "وإلى تقريرهما" تفسير لقوله: "إلى الجنسين". والمراد به التوكيد لا غير. وقد يظن أن قوله: "من هذا الباب من وجه"، أن الوجه الآخر ما ذكره صاحب "الكشاف"، وهو وهم، لأن مراده أنه لو أطلق {مِن دَابَّةٍ {، {ولا طَائِرٍ {غير مؤكدين، ربما اختلج في ذهن السامع إرادة غير الجنسين، وأن المراد بهما غير المتعارف، لقوله تعالى بعد ذلك: {إلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم {، فلا يحصل الشمول المقصود، فأزيل الوهم بما يفيد أن القصد إلى الجنسين وإلى تقريرهما. أي: هو من باب البيان من هذا الوجه.

وما عليه أصحاب المعاني غير ما عليه النحويون، فإنهم يحملون سائر التوابع على البيان والتوضيح. وقد سبق في "الفاتحة" أن البدل تفسير وتوضيح للمبدل.

وقال المصنف في قراءة من قرأ: "أإزرا تتخذ أصناماً آلهة": " [معناه: أتعبد] على الإنكار، ثم قال: "تتخذ أصناماً آلهة" تثبيتاً لذلك وتقريراً، وهو داخل في حكم الإنكار، لأنه كالبيان له".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015