. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الشافعي رضي الله عنهما: تقويم مثل الصيد أدخل في الضبط من تقويم نفس الصيد؛ لأن هذا عذر للمجاز، وبيان المجاز أن التخيير واقع بين الجزاء الذي هو المثل وبين كفارة طعام، والكفارة لا يجوز أن تكون دراهم لما بينت بقوله: {طَعَامُ}، فوجب التأويل، والقول بأن من قوم الصيد واشترى بقيمته طعاماً وتصدق به أو عدل الصوم بالطعام فقد كفر بقيمة المثل، وعليه ظاهر الآية؛ لأن {أَوْ كَفَّارَةٌ} عطف على "جزاء"؛ لا على {مِثْلَ}، أو {عَدْلُ ذَلِكَ}: عطف على {طَعَامُ} لا على {كَفَّارَةٌ}، وفيه أن معرفة كمية الصيام موقوفة على معرفة كمية الأمداد، ومعرفة كمية الأمداد متوقفة على معرفة كمية قيمة المثل، فالثالث فرع للثاني، والثاني فرع للأول، وعليه ما روى الإمام عن الشافعي، أنه قال: إن المثل من النعم هو الجزاء والطعام بناء عليه، فعدل به كما عدل الصوم بالطعام، وهذا هو المراد من قول الرافعي: فجزاؤه على التخيير والتعديل، فحينئذ وقع التخيير بين ذبح المثل وبين أن يقوم المثل بالدراهم، ثم بين الإطعام وبين الصيام، فكأنه قيل: ومن قتله فعليه جزاء أو كفارة، والكفارة إما صدقة أو صيام. فعلى هذا التخيير في الآية ليس من باب: جالس الحسن أو ابن سيرين، بل من باب قولك: جالس السلطان أو الوزير أو العامي.
ونقل الرافعي أيضاً عن أبي ثور قولاً عن الشافعي: إنها على الترتيب، وهو أضعف الروايتين عن أحمد، وهذا القول أدعى لاقتضاء المقام وأجرى على سنن البلاغة، ومن ثم فرق الله عز شأنه في العبارة بين هذه الآية وبين ما قبلها، وهي قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89]، وذلك أن الجناية هاهنا هي هتك ما شرع الله تعالى لتعظيم شأن