وقرأ عبد اللَّه: (فجزاؤه مثل ما قتل)، وقرئ. (فجزاء مثل ما قتل) على الإضافة، وأصله: فجزاءٌ مثل ما قتل، بنصب "مثل" بمعنى: فعليه أن يجزى مثل ما قتل، ثم أضيف كما تقول: عجبت من ضربٍ زيداً، ثم: من ضَربِ زيدٍ. وقرأ السُّلمي على الأصل. وقرأ محمدُ بن مقاتلٍ: (فجزاءً مثل ما قتل) بنصبهما بمعنى: فليجز جزاءً مثل ما قتل. وقرأ الحسن: (من النعم) بسكون العين، استثقل الحركة على حرف الحلق فسكنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكعبة، فالواجب في الخبر رعاية الترتيب فيما يقرب إلى ما فوقه من الحيوان للتعظيم، وهو المراد من قوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}، وإليه يُلمح قول الشافعي رضي الله عنه: لا يجوز أن يخرجه حياً. ثم الإطعام؛ لأنه بدل منه، ولهذا شرط الشافعي أن يتصدق على مساكين الحرم، ولما كان الصوم لا يناسب هذا المعنى جعله فرعاً للفرع. انظر إلى هذه الأسرار اللطيفة وإلى تدقيق نظر الإمام الشافعي رضي الله عنه، واقطع بأنه كان محدثاً مُلهماً مؤيداً بتأييد الله وتسديده.
قوله: ("فجزاء مثل ما قتل" على الإضافة)، قال الإمام: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: {فَجَزَاءٌ} بالتنوين، و {مِثْلُ} بالرفع على أنه صفة لـ "جزاءٌ"، والباقون: على الإضافة، والمعنى على الأول ظاهر، وأما على الثاني فيجب التأويل؛ لأنه ليس عليه جزاء مثل ما قتل في الحقيقة؛ لأن المثل غير مقتول، إنما عليه جزاء المقتول، لأنه قتله، فهو كما تقول: أنا أكرم مثلك وتريد أنا أكرمك، فالتقدير: فجزاء ما قتل من النعم، على الكناية، فالقراءتان دلتا على مذهب الشافعي. وأيضاً، قراءة عبد الله بن مسعود: (فجزاؤه مثل ما قتل من النعم)، صريح فيما قلناه، وحجة أبي حنيفة رضي الله عنه هي: أن لا نزاع أن الصيد المقتول إذا لم يكن له مثل