وسنام القرآن وأول المثاني، بذكر أولياء اللَّه والمرتضين من عباده.
والمتقى في اللغة اسم فاعل، من قولهم: وقاه فاتقى. والوقاية: فرط الصيانة. ومنه: فرس واق، وهذه الدابة تقى من وجاها، إذا أصابه ظلع ٌ من غلظ الأرض ورقة الحافر، فهو يقي حافره أن يصيبه أدنى شيء يؤلمه. وهو في الشريعة الذي يقي نفسه تعاطى ما يستحق به العقوبة من فعلٍ أو تركٍ. واختلف في الصغائر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والكرم، يريد أنه ظل لا كسائر الظلال، وفيه تحكم بأصحابه. و "أو" في الحديث للتنويع، والثانية غير الأولى؛ فإنها لتنويع في التشبيه، والأولى للتنويع في المشبه به في تشبيه واحد، ثم إنهما وإن تفاوتا في الاعتبار؛ فإن الغيابة أفضل من الغمامة، ولكن دون الفرقين بمنازل كما قررنا، ولذلك كرر أداة التشبيه والمشبه. انظر إلى هذه الأسرار في الكلام النبوي، والله أعلم.
قوله: (وسنام القرآن)، استعارة تخيلية؛ شبه السورة بالسنام لأن الفاتحة كالرأس للقرآن.
قوله: (أول المثاني)، قيل: المثاني جميع القرآن لقوله تعالى: (كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ) [الزمر: 23] والأولى أن يقال: إنها السبع الطول؛ لأن "البقرة" ليست بأول القرآن.
قال المصنف في قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي) [الحجر: 87] سبع آيات وهي "الفاتحة"، أو سبع سور وهي الطول.
قوله: (من وجاها)، الأساس: وجي الماشي: إذا حفي؛ وهو أن يرق القدم أو حافر الفرس، الجوهري: وجي الفرس بالكسر، وهو أن يجد وجعًا في حافره.
قوله: (تعاطى)، أي: تناول، الأساس: لا تعطوه الأيدي، وفلان يتعاطى ما لا ينبغي له.