. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فرقان من الطير: طائفتان، وقيل: للقطيع من الغنم: فرق.

تحاجان، أي: تدفعان عن صاحبهما وتذبان عنه. مثل السورتين مرة بغمامتين، وكره بغيايتين، وتارة بفرقين؛ لينبه على أنهما يظلان صاحبها عن حر الموقف وكرب القيامة. وإدخال "أو" في "غيايتان أو فرقان" إنما كان للتقسيم، لا من تردد الرواة.

وقلت: أوقع صلوات الله عليه القراءة أولاً على النيرين ثم بينهما بقوله: "البقرة وآل عمران" ولولاهما كان استعارة، فالتشبيه واقع على حد التجريد كقوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة: 187] هذا بالنظر إلى البيان.

وأما بالنظر إلى المعاني، فالتركيب من باب قوله: هل ادلك على الإكرام الأفضل فلان؟ كما مضى في آخر "الفاتحة" ثم أتى بنوع آخر من التشبيه هو قوله: كأنهما فرقان من الطير؛ بيانًا لترتيب طبقات أهل الإيمان، ولتمييز درجاتهم، فآذن بتشبيهه الأول بأن تينك المظلتين على غير ما عليه المظلة المتعارفة في الدنيا؛ فإنها وإن كانت لدفع كرب الحر عن صاحبها ولتكرمته، لكن لم تخل عن نوع كدورة وشائبة نصب، وتلك - رزقنا الله تعالى منها - مبرأة عن ذلك، لكونهما كالنيرين في النور والإشراق، مسلوبتي الحرارة والكرب. وآذن بتشبيهه الثاني بأنهما مع كونهما مشرقتين مشبهتين بمظلة من خص بالملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، ثم بولغ فيه وزيد "تحاجان" لينبه به على أن تلك الفرقتين من الطير على غير ما عليه طير نبي الله سليمان عليه السلام؛ من كونهما حاميتين صاحبهما، ذابتين عنه، وعلى عكس ذلك حال الكفار في ظلهم، قال الله تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ) [الواقعة: 41 - 44] قوله: (لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ) نفي لصفتي الظل المطلوبتين منه، وهما البرودة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015